في خطوة تعكس استعادة سلطة الدولة، قرر القائم بأعمال حاكم مصرف لبنان، وسيم منصوري، إزالة الحواجز الإسمنتية التي كانت تحيط بالمقر الرئيسي للبنك المركزي في شارع الحمراء ببيروت، مع إعادة فتح متحف العملات والمعارض الفنية أمام الزوار.
وأوضح منصوري أن هذه الخطوة تحمل دلالة رمزية قوية، حيث تؤكد على دور الدولة المحوري في إدارة الشؤون العامة، كما تعكس انتهاء حالة الجمود المؤسسي، لا سيما في ظل التحولات السياسية والاقتصادية التي يشهدها لبنان.
وفي حديث مع "الشرق الأوسط"، شدد منصوري على أنه يتعامل مع منصبه كمسؤولية مؤقتة، مشيراً إلى أنه يأمل في تعيين حاكم دائم للمصرف المركزي، الأمر الذي من شأنه أن يسهم في إعادة تفعيل المؤسسات اللبنانية. كما لفت إلى أنه كان من أبرز المطالبين بهذا الأمر منذ تسلمه منصبه في أغسطس 2023، ولا يزال يصرّ عليه.
وأكد منصوري أن الأولوية في المرحلة الراهنة هي "إعادة بناء الثقة"، مشيراً إلى أن الاستقرار النقدي ينبغي أن يكون قائماً على معطيات اقتصادية واضحة وليس مجرد تأثيرات آنية للأخبار الإيجابية.
وأضاف أن مصرف لبنان يعمل بالتنسيق مع الحكومة لضمان استقرار سعر الصرف وفق أسس مالية واقتصادية مدروسة، معرباً عن أمله في تعزيز الثقة بالليرة اللبنانية.
كما شدد على ضرورة وضع خطة حكومية متكاملة تتضمن إصلاحات تشريعية تعالج القضايا الأساسية، لا سيما حقوق المودعين، والتي يجب أن تحظى بتوافق وإقرار رسمي.
وفي هذا السياق، أكد منصوري أن معالجة أزمة الودائع تتطلب تعاوناً وثيقاً بين الدولة، المصرف المركزي، القطاع المصرفي، والمودعين، بحيث يتم إيجاد حلول قائمة على مبادئ العدالة والمشروعية.
وكشف أن المصرف المركزي أعد دراسة تفصيلية تشمل 1.26 مليون حساب مصرفي بقيمة إجمالية تصل إلى 86 مليار دولار، حيث تم تحليلها وفق معايير تشمل فئات الودائع، الفئات العمرية، والكيانات المالية. واعتبر أن هذه الدراسة تشكل أساساً لمساعدة الحكومة والبرلمان في صياغة آليات واضحة تضمن استعادة أموال المودعين، لافتاً إلى أن التقدم في هذا الملف أصبح أكثر وضوحاً مقارنة بالسابق.
وفي ختام تصريحاته، شدد منصوري على أن أي انتعاش اقتصادي في لبنان يستحيل تحقيقه دون وجود قطاع مصرفي قوي، معتبراً أن استعادة ثقة المودعين بمصارفهم تشكل الأساس لأي إصلاح مالي حقيقي، وأن الدولة مطالبة بالوقوف إلى جانب مواطنيها لضمان تحقيق العدالة والإنصاف في هذا الملف.