تُعدّ معدلات التضخم من بين العناصر الاقتصادية الحيوية التي تؤثر بشكل كبير على الاقتصاد الوطني لأي دولة، وتُعدّ دولة الكويت من بين الدول التي تواجه تحديات التضخم بصورة منتظمة. حزيران الماضي، شهدت الكويت ارتفاعاً في معدلات التضخم إلى 2.84% على أساس سنوي، حيث وصلت المؤشرات العامة للأسعار إلى 133.8 نقطة مقارنة بـ 130.1 نقطة في نفس الفترة من العام السابق. هذا الارتفاع يعزى بشكل رئيسي إلى زيادة في أسعار الأغذية والمشروبات.
أسباب الارتفاع في التضخم
الأغذية والمشروبات هي القطاع الذي شهد أكبر زيادة بنسبة 5.6% على أساس سنوي، ويأتي بعده قطاع الكساء وملبوسات القدم بنسبة 5.5%، وثم السلع والخدمات المتنوعة بنسبة 4.5%. يعود هذا الارتفاع إلى ارتفاع أسعار الحبوب والخبز، اللحوم والدواجن، الألبان والجبن والبيض، الزيوت والدهون، الفواكه والخضراوات، إلى جانب السكر والمواد الغذائية الأخرى. على صعيد الشهر نفسه، سجل الرقم القياسي العام لأسعار المستهلك زيادة قدرها 0.22%، ما دفعه القطاع الصحي بزيادة 0.99%، والنقل والسلع والخدمات المتنوعة بزيادات أقل بنسبة 0.49% و0.45% على التوالي.
وعند مقارنة كل تلك المؤشرات, تعود مسألة تأثيرات هذا الإرتفاع الى الواجهة. فارتفاع معدلات التضخم يؤثر بشكل مباشر على الاقتصاد الوطني وعلى مستوى المعيشة للمواطنين. من أبرز التأثيرات السلبية للتضخم الزيادة في تكاليف المعيشة، حيث يزيد التضخم من أسعار السلع والخدمات الأساسية مثل الطعام والإسكان والنقل، مما يقلل من قدرة الأفراد على الشراء بنفس القدر من الدخل الثابت. كما يمكن أن يؤدي التضخم إلى تقليص القيمة الحقيقية للأموال والادخارات، مما يجعل من الصعب تحقيق الأهداف المالية على المدى الطويل.
من ناحية أخرى, ولمواجهة التضخم، تتبنى الحكومات عادة سياسات نقدية محددة تهدف إلى احتواء الارتفاعات الجديدة في الأسعار. قد تشمل هذه السياسات رفع أسعار الفائدة من قبل البنك المركزي للحد من الإنفاق الاستهلاكي، وبالتالي تقليل الطلب النقدي، وتقليل النمو الاقتصادي. بالإضافة إلى ذلك، قد تتبنى الحكومة سياسات تحفيزية لدعم الإنتاجية وتقليل التكاليف، مما يساهم في تقليل الضغط على الأسعار.
تأثيرات التضخم على الاقتصاد الكويتي
في السياق الكويتي، يُعَدّ التضخم تحدياً كبيراً خاصة مع تأثيراته السلبية على السكان الذين يتأثرون بارتفاع أسعار السلع والخدمات الضرورية. كما أن الاستقرار الاقتصادي يعد أمراً حيوياً للحفاظ على استقرار السوق العقاري والقطاع المالي بشكل عام.
من هذا المنطلق, ونظرا لكل تلك العوامل, تلعب أجور المعيشة دورا أساسيا في حياة المواطنين بغية التمكن من مقارنة تكلفة معيشتهم وظروفها مع الحد الأدنى للأجور, خصوصا في ظل ذلك الإرتفاع.
بالنظر إلى الزيادة الحالية في معدلات التضخم في الكويت، يُعَدّ من الضروري أن تعمل السلطات الاقتصادية على اتخاذ الإجراءات اللازمة للحد من هذه الزيادات وتقليل تأثيراتها على المواطنين والاقتصاد بشكل عام. يجب أن تكون هذه الإجراءات متوازنة وفعّالة لضمان استمرارية النمو الاقتصادي واستقرار الأسواق، مع الأخذ في الاعتبار تحقيق التوازن بين تحفيز الاقتصاد والحفاظ على استقرار الأسعار.